الخميس، 19 يوليو 2012

ايران واسرائيل ... الازمة المزمنة



دمشق - محمد حسين حمدان 

   
أزمة إيرانية جديدة يمكن ربطها بأزمة النظام وثورة الشعب في سورية بعد مقتل خمسة سيّاح اسرائيليين في تفجيرٍ انتحاري استهدف حافلتهم في مدينة بروجاس البلغارية، الحكومة الاسرائيلية سارعت على الفور لاتهام إيران وحزب الله بتدبير العملية وفقاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ايهود باراك.
مسؤول امني اسرائيلي قال بان الاعتداء محاولة انتقامية لاغتيال عماد مغنية القائد البارز في حزب الله والذي تم اغتياله عن طريق تفجير سيارته في  دمشق عام 2008،بينما قال محللون ان حزب الله لا يريد من ذلك إلا تخفيف الضغط على النظام السوري.
إيران بدورها رأت في ذلك ورقة ضغط دولية أخرى، ستستخدم لفرض إملاءات عليها، فيما يتعلق بملفها النووي، على الصعيد الداخلي، والملف السوري، على الصعيد الإقليمي، كرفع الغطاء عن النظام السوري، والضغط على حزب الله، والتيارات العراقية الموالية لها، لعدم إشعال حرب طائفية في سورية، أو العكس، وفقا لوجهة النظر الدولية، والمصالح الأمريكية الإسرائيلية؛ لاسيما مع عدة ملفات ساخنة، أثيرت في الأشهر القليلة الماضية ضد طهران، تقول بتورطها أو اتهامها على الأقل بعمليات قتل او تصفية خارج حدودها، منها التخطيط لقتل السفير السعودي في واشنطن، ودبلوماسي سعودي في باكستان، وتورطها في احداث البحرين والقطيف في السعودية، وزرع شبكات تجسس في اليمن، لتختتم بتفجير الحافلة.
ولعل نظام المرشد يدرك بأن "صوفته حمراء" كما يقول السوريون بالعامية، وكل ما تقدم من شانه استعجال ضربة مشتركة من التحالف الإسرائيلي الغربي، أو ضربة إسرائيلية منفردة تأتي في ظل الخسارة الإيرانية المتوقعة لحليفها السوري، ما قد يضعها في عزلة اكبر، بانقطاع خيوط الارتباط اللوجستية مع حزب الله او الذراع العسكري لإيران في لبنان كما سمّاه احد ضباط الحرس الثوري.
 ولكنه بالرغم من المناورات الإيرانية المتتالية، واستعراض القوة، والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، ترى إيران أن خوض حرب في الوقت الحالي، يقف في وجه الطفرة العسكرية والنووية الذي حققتها، فالوقت غير مناسب ابداً لدخول حرب، لذا تعول على اللعب بالوقت وتقديم التنازلات المشروطة التي تحافظ على وزنها الإقليمي في المنطقة ولا تضر به.
ومن الملفت ان التهديدات الايرانية في الفترة الاخيرة، كانت لدول الخليج دون اسرائيل، فلم يعد يسمع احد بخطابات نارية تهدد اسرائيل او تقول بمسحها من على الارض، كالعبارات التي استخدمها الرئيس الايراني احمدي نجاد في ولايته الرئاسية الأولى، إذ كانت الولايات المتخدة المستفيد الاكبر من تهديد  دول الخليج العربي؛ حيث اغدق مليارات الدولارات على خزانتها من مبيعات السلاح للسعودية والامارات العربية المتحدة، وصلت لهذا العام لما يزيد عن ستين مليار دولار، وكأن هناك اتفاق ايراني اميريكي غير معلن، من شأنه استنزاف اموال الخليج وبقاء القواعد الامريكية الى اجل غير مسمى.
 الإعلامية الأمريكية الشهيرة "كريستينا امانبور"، ومن استديو /CNN/ في القدس قبل ايام، استعرضت العلاقات التاريخية الفارسية الإسرائيلية، وذكرت كيف حرر ملك فارس "قورش" الشعب اليهودي من سبيّه بعد سقوط الدولة الآشورية، وكيف وعدهم مسبقاً بالعودة إلى ارض فلسطين، ما سماه المؤرخون بوعد بلفور الأول. 
هذه الكلمات لم تكن هباءاً منثورا ولم تكن عرضية، ففي الدبلوماسية الثقافية وفي الصالونات الضيقة يفاخر الفرس عند لقائهم اليهود بما فعل "كسراهم"، وبالمقابل يعبر اليهود عن امتنانهم لذلك،
فالربط التاريخي يقول: مهما كانت العلاقات متوترة فهناك خط عودة، أو طريق إياب، وان عدو إسرائيل التاريخي ليس الفرس، وإنما أهل بلاد الرافدين وارض كنعان.
إيران البراغماتية الإسلامية الفارسية تعي نقاط التقائها مع إسرائيل حول العدو المشترك غير المعلن، ولذا يبدو أن الطبع الإيراني المستخف بالعرب يغلب تطبّعهم بالتقدير والمحبة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق