فخ الطائرة والمنطقة العازلة
دمشق- محمد حسين حمدان
لم يتمنَّ الرئيس السوري بشار الأسد اسقاط الطائرة قالها بصراحة للشعب التركي
في رسالة مباشرة عبر صحيفة "جمهوريت"
التركية الاسبوع الماضي، مفادها ألّا حرب ضد الشعب التركي ولا استعداء.
لكن اسقاط الطائرة التدريبية اف 4 وضع تركيا في حيرة قال المراقبون
الاتراك فتركيا مضطرة للرد لتحفظ كرامتها ومكانتها وقوتها الرادعة؛ فالسكوت يظهر تركيا
كدولة صغيرة وضعيفة غير قادرة على الرد. " عدم الرد قد يشجع الأعداء على التمادي
في العدوان وتكرار الجرائم والتطاول على تركيا". يقول الكاتب والمحلل الساسي التركي
اسماعيل ياشا.
لكن الخبراء العسكريون قالوا بانها "ضربة معلم"؛ إذا استطاعت
تركيا الحصول على منطقة جوية عازلة بحدود عشرة كيلو متر ضمن الحدود السورية بعد ان
هددت بالتصدي لأي مقاتلة سورية أو أي عنصر عسكري سوري يقترب من الحدود التركية باعتباره
هدفا عسكريا وكانت التعزيزات العسكرية التركية على الحدود من قاذفات صواريخ ومدافع
مضادة للطائرات وست طائرات مقاتلة من طراز إف- 16 خير دليل على ذلك.
أتى الحراك العسكري التركي على اثر خطاب لاذع لرئيس الوزراء التركي
رجب طيب أردوغان وصف فيه سوريا بأنها" تهديد واضح وحاضر" وقال بأنها "جريمة النظام السوري لن تمر وإن قواعد
الاشتباك وتدخل القوات المسلحة التركية تغيرت."
عقب ذلك سعى النظام البراغماتي السوري لاسيما حيال التوترات الاقليمية
الى تهدئة الاجواء من خلال اللقاء الصحفي الذي اجراه الرئيس الأسد حيث اكَّد عدم سعيه
لفتح حرب تضر بالطرفين كما اشار إلى امتنانه للشعب التركي الذي أكرمه واحترمه طوال السنوات العشر
الماضية، ولكنه حصر النقد بشخص اردوغان واتهمه بالتحرك وفق «غرائز طائفية»، ما يؤجج
النزاع في سوريا.
وقال الرئس الأسد بأن "رغبة تركيا في السعي للتدخل في الشؤون الداخلية
السورية وضعها في موقع للأسف جعل منها طرفا في كل الأعمال الدموية" التي تجري
في سوريا، وأضاف أن "تركيا قدمت كل الدعم اللوجيستي للإرهابيين الذين قتلوا شعبنا".
المحللون الاتراك رأوا التحركات التركية الأخيرة ليست للرد على إسقاط الطائرة
فقط، فالقيادة التركية تدرك لعبة القوى الكبرى في سورية والتي تفوق الأزمة السورية
حجماً.
فالمنطقة مقبلة إلى تحولات كبيرة
وفي ظل هذه الظروف لا بد من قراءة هذه التحركات في إطار الاستعداد والتأهب للمخاطر
والتحديات التي قد تواجهها تركيا وسط التقلبات الإقليمية والدولية يؤكد ياشا.
في ضوء ذلك لا يمكن تجاهل تخوّف
الأغلبية الساحقة من المواطنين من فكرة دخول حربٍ مع النظام السوري في الوقت الراهن
لخوفها من الفخ الذي نصبته لها الدول الكبرى لتركيا لاستنزاف طاقاتها وقدراتها.
"مخاوفٌ لم تكن ابدا وليدة
اليوم، بل هي متأصلة تمتد جذورها إلى انجرار الدولة العثمانية إلى الحرب العالمية الأولى
وانهيارها وما تم بناؤه في السنوات الأخيرة من النجاحات الاقتصادية والسياسية في الداخل
والخارج"، يقول ياشا.
ان مجمل مافعلته تركيا وفقا للكاتب التركي هو ترجمة للقوة الذكية في الرد
على إسقاط الطائرة التركية من خلال استنفار الجهود الدبلوماسية لدى الأمم المتحدة والناتو
ومنظمة التعاون الإسلامي، إضافة إلى الاتصالات والتشاور مع الدول الصديقة، وحشد قواتها
على الحدود السورية للرد على أي عدوان بالشكل الذي تراه مناسبا ضمن إطار القانون الدولي.
الأتراك يرون اليوم الرد الأفضل والأقوى على النظام السوري في السعي لإسقاطه
بجميع السبل والوسائل في أقرب وقت، سواء كان عبر تزويد الجيش السوري الحر بأسلحة متطورة
وصواريخ مضادة للدبابات والطائرات أو عمليات نوعية ضد أركان النظام السوري، إضافة إلى
المبادرات الدبلوماسية على المستوى الدولي يختم ياشا القول .
freeexpresso@
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق