الثلاثاء، 19 يونيو 2012

مخاوف روسية من انهيار النظام السوري وبوارج لحماية مصالحها


محمد حسين حمدان

تخرج الولايات المتحدة على الدوام عن اتفاق "الجنتلمانز" مع الروس حيال الشأن السوري؛ فتفضح في العلن ما اتفق عليه في الخفاء، ولذا أحرجت الخارجية الروسية العديد  من المسؤولين الأمريكيين وكذَّبت ما قالوه عن إيجاد حل لوقف العنف في سوريا كان أهمها حل سوري لا يشترط بقاء الرئيس بشار الأسد، وسبقتها تسريبات روسية عن حل يمني يتنحى فيه الرئيس لنائبه، حتى أنه أشيع عن زيارةٍ سريّة لنائب الرئيس السوري فاروق الشرع إلى موسكو العام الماضي.
وتأتي آخر التصريحات الروسية بلسان الرئيس فلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين في "لوس كابوس" في المكسيك البارحة، حول التوصل إلى "نقاط تفاهم" في ما خص الخلافات بشأن سوريا"، وذلك في إعلان مشترك مع الرئيس الأمريكي باراك اوباما. أكد بوتين خلاله  التوصل إلى «نقاط تفاهم عدة» مع نظيره الأميركي حول كيفية معالجة الأزمة السورية.

وتبدو التصريحات الروسية الأخيرة مثيرة للقلق للحليف السوري،ما دفع "سيرغي لافروف" وزير الخارجية الروسي على الدوام لتوضيح موقف بلده الداعم لحليفه في دمشق ما جعل معارضين سوريين يتهمون الآخير بأنه وزير خارجية دولتين،حيث تستمر الدبلوماسية الروسية في دفاعها القوي عن ممارسات النظام السوري لقمع المظاهرات وعن الآلة العسكرية المستخدمة للقضاء على المجموعات المسلحة بعد تصاعد عمليات "الجيش السوري الحر" . 

ويعتبر نشطاء سوريون انه من السذاجة في التحليل تبنِّي وجهة النظر القائلة بحماية الروس للنظام السوري لغاية في النظام نفسه؛ حيث يعتقد ذلك جزء كبير من أنصار الرئيس الأسد، ويتم تجاهل العمق الاستراتيجي الروسي الذي يرى في إطلالته على البحر الأبيض المتوسط حماية لمصالحه وتحدّياً للأسطول الأمريكي المتأهب على الدوام من جهة، وللوقوف في وجه أي طموح تركي عسكري ينازعهم مصالحهم في المنطقة من جهة أخرى.

ويروي وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو في كتابه "العمق الاستراتيجي" محاولة الروس في مطلع عام 2000 زرع صواريخ "أس 300" في قبرص اليونانية كتهديد للاتراك، استغنى الروس عن ذلك بإقامة قاعدة عسكرية بحرية في مدينة طرطوس السورية.

وبدت مؤخرا المخاوف الروسية جليّةً على السطح من تدخل دولي وشيك في الشأن السوري، لذا تستعد موسكو لإرسال سفينتين حربيتين برمائتين مزوديتن بآلاف الجنود – قيل بانهم بحَّارة- إلى مرفأ طرطوس لحماية قاعدتها العسكرية وفقا لوكالة "الانترفاكس"، وسفينة أخرى تحمل مروحيات هجومية وصواريخ روسية إلى سوريا تبعاً لــ "صنداي تلغراف".
 رافق ذلك تصريحات عن استعداد الخارجية الروسية إجلاء رعاياها عند الضرورة،فضلاً عن البيان التمهيدي لوزارة الخارجية السورية عن عملية كاملة لاستئصال الإرهاب في حمص قد يكون لها من التداعيات الإقليمية والدولية ما لها.  

في ضوء ذلك قال معارض سوري بارز عن إجراء مناورات عسكرية على الأرض السورية بعد شهر من الآن يشارك فيها تسعون ألف جندي وضابط من روسيا والصين وإيران نقلا عن مصادر في الحرس الثوري الإيراني بغية تطهير البلاد من المحتجين. 

ويتخوف ناشط سوري ومعتقل سابق من الأيام القادمة بقوله أنها ستشهد أحداث دراماتيكية؛ حيث الجغرافيا والميناء والاتفاقات السرية تعني أشياء خطيرة على مستقبل ووحدة سوريا.
يدرك  السوريون اليوم أن خارطة بلادهم جزءٌ من فضاء جيو-استراتيجي لموسكو وطهران، ولكن من يرسم الخارطة هي غرفة عمليات دمشق، الرئيس السوري ما يزال قادر على اللعب بورقة رابحة وقد تكون الأخيرة وهي قيادة سوريا نحو التحول الديمقراطي والانتقال السلمي للسلطة، غير ذلك سيتطور النزاع الدموي على الأرض السورية ليتحول إلى كانتونات مذهبية وطائفية يكون ولاءها وتبعيتها  للخارج.  

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق